إقرار الإباضيين بمدينة الجزائر بخدماتهم للمحتل الفرنسي

قام الميزابيون بتقديم خدمات كبيرة للمحتل الفرنسي مباشرة بعد دخوله الجزائر سنة 1830 كسبا لمودته، وهو ما اعترف به المحتل، فقام بتفضيلهم على بقية الأهالي بمدينة الجزائر عندما منحهم حق التصويت في انتخابات المجلس البلدي للجزائر سنة 1848 لاختيار عضوين ممثلين للمسلمين.


قامت صحيفة الأخبار يوم 9 نوفمبر 1848 بالإشارة الى هذا التفضيل للميزابيين على بقية الأهالي بطريقة ازعجت الميزابيين، فقام  بعض أعيانهم يوم 11 نوفمبر سنة 1848 بكتابة رسالة للحاكم العام لتذكيره بما قدموه من خدمات لفرنسا عند احتلالها والمحفوظة في أرشيف بوزارة الحرب بفانسان والتي قام مارسيل إيمري باستخراجها وكشفها للعلن، فماذا كتب فيها أعيان الميزابيين للحاكم العام يا ترى؟ 


السيد الحاكم العام. لنا الشرف أن نعرض عليكم باحترام بأن جريدة الأخبار قد نشرت مقالا زعمت فيه باستخفاف بأنه قد سُمح لنا بالتصويت في الانتخابات البلدية بالجزائر، وأضافت هذه الجريدة أن طائفتنا لم تكن على قدم المساواة مع مسلمي الجزائر فيما يتعلق بقوة الحقوق الانتخابية، لذلك نود سيدي الحاكم العام، أن نعدد لكم الخدمات التي قدمتها طائفتنا، والتي تعود إلى تاريخ غزو الجزائر.

في سنة 1830، قام أبناء طائفتنا بالفرار من الجزائر ولجؤوا الى مدن الداخل، فطلب منا الجنرال دو برمون قائد الحملة على الجزائر بالعودة ومزاولة عملنا التجاري كما في السابق، وهو ما جعلنا نعيد الفارين إلى الجزائر، فعادت بذلك النشاطات الاقتصادية تسير كما كانت عليه. 

طلب منا الجنرال دو برمون بتزويده بوسائل لإيصال ذخائر حربية إلى المدية والتي أصبحت ضرورية للفرق المحاصرة في المدينة [في نوفمبر 1830] فتكفل رجل من طائفتنا بهذه المهمة الخطيرة التي قد تكلفه حياته، حيث وصلت تلك الذخائر بفضله إلى الجنود المحاصرين بالمدية. 

مع وصول دوق دورليانس للمرة الأولى [في نوفمبر 1835] قمنا بمرافقته في حملته على معسكر، أين قاتلنا بشجاعة في سبيل فرنسا على أبواب المدينة. وبقينا مع الأمير دوق دوليانس حتى أذن لنا بالعودة الى الجزائر.

لقد كلفنا بإرسال مبعوثين من طائفتنا لإيصال رسائل عاجلة للماريشال كلوزيل بتلمسان، وهي الرسائل المبعوثة من الجنرال راباتل القائد الأعلى للقوات بالجزائر. وللأسف فقد تم القبض سريعا عليهم من فرسان عبد القادر [بدون ذكرهم للقب الأمير] الذين انزعجوا عندما وجدوهم يحملون رسائل للنصارى فقاموا بإحراقهم  في المكان. 

بعد أيام من ذلك قمنا بمرافقة الحملة على مدينة المدية بقيادة الجنرالين راباتل و برو ) وذلك في أفريل 1836( وخلال هذه الحملة تلقينا العديد من عبارات الثناء لطاعتنا من السيد ماري لونج  المدير المركزي للشؤون العربية. 

 عند استئناف التمرد [المقصود هنا طبعا الجهاد] قام عبد القادر [بدون ذكرهم لقب الأمير] بإلقاء القبض على كل الميزابيين بالمدية ومليانة، وبعدما قام بنهبهم، أمر بترحيلهم الى تاقدمت، ووضعوا في الأغلال بسبب خدمتهم لفرنسا. لأن الأمير السابق كان يتلقى رسائل دورية عنا من أعيان الجزائر، والذين كانوا في نفس الوقت يخبرونه عن تحركات الفرنسيين.

 بعد عودتنا إلى الجزائر من الحملة على مدينة المدية [ماي 1840] تلقينا من الماريشال إشارة كبيرة على ثقته حيث منحنا 240 بندقية وصندوقين من الذخيرة. وأمرنا بتسيير دوريات ليلية لإستتباب الأمن في أحياء المدينة، وهي الخدمة التي نواصل القيام بها إلى الآن وبدون أي مقابل من فرنسا.

أنت ترى سيدي الحاكم العام، بأن طائفتنا كانت باستمرار تقدم المساعدات لمختلف العمليات العسكرية، والتي تقوم في الآونة الأخيرة في زمن التمرد، وبتكليف من الجنرالين فالي و بوجو بتأمين عديد قوافل الغذاء الموجهة للقوات المتمركزة في مختلف ارجاء الساحل.

لقد كنا وسنبقى أوفياء لفرنسا، وستكون لنا رغبة قوية للقيام في كل الأحوال وبأفضل ما لدينا بكل ما تتفضل بطلبه منا من مهمات وبلا استثناء. وهو ما كنا نقوم به مع الباشا السابق للجزائر، أين كان رئيس طائفتنا عضوا بالمجلس الإداري للمدينة. لقد كنا الوحيدين المكلفين بكل الصناعات التي تحتاجها البلاد.

ثم لاحظوا هنا كيف يقومون بالافتخار بأنهم هم وحدهم من كان يقومون بمثل تلك الأعمال الدنيئة بقولهم: 

نطلب منكم الاعتذار ألف مرة سيدي الحاكم العام لتضييع وقتك الثمين لسماع مثل هذه التفصيلات، ولكننا نشعر بالحاجة الملحة إلى اللجوء إلى عدالتكم المحايدة حتى يتم معاملتنا كمسلمين شرعيين في  الجزائر. علاوة على ذلك، فنحن نجرؤ على التأكيد لكم أن هؤلاء المذكورين [أي بقية المسمين بمدينة الجزائر] لم يُطلب منهم أبدًا تقديم أي خدمة مفيدة لفرنسا من أي نوع كان.

على أمل أن تتكرم بالاستجابة لطلبنا، سيدي الحاكم العام، مع خالص احترامنا، خدامك المتواضعون والمطيعون للغاية. مفوضو الطائفة الميزابية بالجزائر متبوعا بتوقيع واختام اثنين من الاعيان الجزائر في 11 نوفمبر 1848.

وهو ما يجعنا نتساءل حقا: كيف يقوم البعض منهم بالتجرؤ الآن والإدعاء بأنهم وقفوا ضد احتلال الجزائر سنة 1830، وبأنهم شاركوا في المقاومة بسهول متيجة أو مع الأمير عبد القادر!!!

وهذا رابط الفيديو الذي يلخص ما جاء في تلك الرسالة

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال