موقف الشيخ أبو يعلى الزواوي من أبي اليقظان

هذه رسالة تاريخية هامة كتبها الشيخ أبو يعلى الزواوي ينتقد فيها أبا اليقظان بألفاظ حادة. وذلك بعدما نشب خلاف حاد ما بينهما على صفحات الجرائد بسبب منع الاباضية لأبناء المالكية بمدينة غارداية من الآذان للصلوات سنة 1930، فقد كان الشيخ أبو يعلى الزواوي ينتقد ذلك الفعل على صفحات جريدة "البلاغ"، بينما كان أبو اليقظان يرد عليه على صفحات جريدة "المغرب". وفي هذا المقال توضيح من الشيخ أبي يعلى لموقفه من الاباضية من خلال أبي اليقظان.


وفي هذه الرسالة الموجهة من الشيخ أبو يعلى الزواوي البربري لأبي اليقظان الإباضي الكثير من التلميحات التاريخية الهامة، التي أردت وضعها بين يديكم تجلية للحقيقة التاريخية، واضافة منا لمسيرتنا في حركة نشر الوعي الوطني التي ننشدها، حيث يقول فيها:

(جواب إلى صاحب جريدة المغرب المزابي.

كان صاحب هذه الجريدة يرسلها إليّ، ولمّا صدر منه من الوقاحة وسوء الأدب، ودخل في العداوة رفضت جريدته، فردها إليّ، وكتب في عنوانها هكذا: هداية، فكتبت أنا تحت هذه الكلمة –الهداية- لعلكم أردتم الهدية فلا نقبلها بل أنتم بهديتكم تفرحون ارجع إليهم فلناتينهم بجنود لا قبل لهم بها الآية. فردوها إليّ أيضا فقالوا تسترا للحنهم أردنا الهداية من الضلال فأجبتهم.

اني لا ألتمس الهداية ممن هو من ضئضئي ذي الخويصرة التميمي الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم اعدل يا محمد فانك لم تعدل*، ولا ممن يقول قاض من قضاتهم زرنا المدينة المنورة وزرنا فيها أولئك الملاعين، ولا ممن يقول قاض آخر من قضاتهم أن الأذانين المالكي والإباضي ضدان، ولا من مثل صاحب جريدة المغرب الذي يقول أن المذهب الإباضي خير من مذهب محمد رسول الله!

نعم إذ يقول أبو يعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف الى رجال تخلفوا عنها فأحرق عليهم بيوتهم ... الحديث بطوله، فقال صاحب ورقة المغرب الإباضي المزابي الخارجي ... ان المذهب الإباضي لا يأمر بقتل الناس ولا بإحراق بيوت المسلمين عليهم.

أليس هذا كمن يقول أن المذهب الإباضي خير من مذهب محمد وبالتالي أليس تعريضا بل ردا من هذا المارق الملعون! وكذلك قال هذا الخارجي إن جلالة الملك ابن سعود فاق الخلفاء الراشدين كذا بالحرف، أليس هو معارضا لما ثبت في الصحيحين من قوله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم أو نصيفه !

وهكذا وقاحة هذا الوقح فانه لا مبالاة له بالله ولا بالنبي ولا بالأئمة ولا بالبخاري ولا بجميع أهل السنة، انما مبالاته ودينه وعقله ليرضي بني يزجن الذين سخطوا عليه لسيرته الفاسدة وجلبه لهم وللإباضية عموما الشر والشنار والعار وكل قبيح. أمثل هذا يناظر أبا يعلى؟

نعم يُناظِر بكلمة "المجنون" التي كررها تسع مرات في افتتاحية مقاله الخبيث، وكلمة "الجاهل والأمي ومعلم الصبيان والأحمق" التي افتتح بها كلامه كأنها بسملة عنده أو حمدلة، وكذلك يناظر بـ "السُّلاح في محراب الاباضية والتغوط فيه" ونحو ذلك من المجازات المخزية التي تضره، أما أبو يعلى فلم يلفظ كلمة واحدة إلا ما كان من مذهبهم الإباضي الذي جعلوه خيرا من مذهب محمد رسول الله، والعياذ بالله ولا حول ولا قوة الا بالله.

وهذا كله قد جرى بعد الاتفاق والمعاهدة على عدم النشر مع أصحاب البلاغ. أليس نقضا للعهد أم أبو يعلى ليس من أصحاب البلاغ؟ وعلى كل حال لست من أصحاب "المغرب" وتبرأت منهم في الدنيا والآخرة.)

*يقصد أبو يعلى هنا ذلك الرجل من بني تميم الذي جعله علماء أهل السنة علما على الخوارج، حيث يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ) رواه البخاري (4351) ومسلم (1064) وقال كذلك في الصحيحين: (دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ (أي تضطرب) وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ).

ومن بني تميم كان الكثير من قادة الخوارج كحرقوص بن زهير التميمي "ذو الخويصرة" وعبد الله بن اباض التميمي ومرداس بن حدير التميمي "رأس الحرورية" ومن رؤوس الأزارقة: عبيد الله بن الماحوز التميمي و قطري بن الفجاءة التميمي ...


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال