هل أوصل الإباضيون الذخيرة للفرنسيين المحاصرين بالمدية سنة 1830؟

 بعدما نشرنا سابقا الرسالة التي يقر فيها الإباضيون الميزابيون للحاكم العام الفرنسي سنة 1848 بخدماتهم المقدمة للاحتلال منذ غزوه الجزائر سنة 1830، والموجودة بمركز الأرشيف بفانسان التابه لوزارة الحرب الفرنسية، سنقوم الآن بتأكيد ما جاء فيها من خلال شهادة الضابط البارون بيار بيرتيزان في كتابه 18 شهرا بمدينة الجزائر. 
لقد ورد في رسالة سنة 1848 قول الميزابيين للحاكم العام: (طلب منا الجنرال دو برمون تزويده بوسائل لإيصال ذخائر حربية إلى المدية والتي أصبحت ضرورية للفرق المحاصرة في المدينة [في نوفمبر 1830] فتكفل رجل من طائفتنا بهذه المهمة الخطيرة التي قد تكلفه حياته، حيث وصلت تلك الذخائر بفضله إلى الجنود المحاصرين بالمدية). 
فهل هذا الخبر صحيح؟ 
وللإجابة على ذلك، يجب أن نعود الى الأحداث التاريخية التي سبقت هذه الحادثة:
عندما وصلت الأخبار للجنرال كلوزيل في أكتوبر 1830 بأن مصطفى بومزراق باي التيطري يحضر لهجوم على مدينة الجزائر لاستعادتها، قرر الإسراع بتحضير الحملة العسكرية على مدينة المدية، فانطلقت قواته يوم 17 نوفمبر 1830 من مدينة الجزائر.
وبعد دخول القوات الاستعمارية لمدينة المدية خرجت منها يوم 26 نوفمبر 1830 مخلفة فيها الفوجين 20 و 28 بالإضافة إلى الفيلق الأول للزواف بتعداد 1200 جندي، ولكل جندي منهم 40 خرطوشا، الكل تحت قيادة العقيد ماريون. وفي الايام الثلاثة الموالية هجم المجاهدون على تلك القوات، ففقدت ذخيرتها، وهو ما جعل العقيد ماريون يقوم بالاستنجاد بالجنرال كلوزيل وها هي رسائل الاستنجاد.
الاستنجاد الأول جاء فيه: (27 نوفمبر. إلى الجنرال كلوزيل لي الشرف ان أطلب منكم مدي بالذخائر ... أن اخشى أن أبقى بلا ذخيرة إن عاود العدو هجومه). تقرير العقيد ماريون قائد الفوج 20.

الاستنجاد الثاني جاء فيه: (
28 نوفمبر. سيدي الجنرال، وضعيتي حرجة جدا بسبب قلة الذخائر التي بقيت لي، اذا أعاد العدو هجومه في الصباح أو مع منتصف النهار فسأضطر الى القتال بالحربة).

الاستنجاد الثالث جاء فيه: (29 نوفمبر. الى الجنرال كلوزيل، أنا افتقد إلى الذخيرة، وهذا هو الوقت إذا كنت تريد فعلا إرسال الذخيرة لي ... لقد قررنا أن نقاتل بالسلاح الأبيض في أزقة الساحة).

الاستنجاد الرابع جاء فيه: (30 نوفمبر. إعمل ما يجب لكي تصلني الذخيرة).
فكان الرد من الجنرال كلوزيل: (الى العقيد ماريون قائد الفوج 20. سوف تتلقى أكثر من كتيبة. لقد انطلقت قافلة بها 15 ألف خرطوش على شكل بضائع) رسالة كلوزيل يوم 30 نوفمبر.

فمن يا ترى سيؤمن نقل هذه الذخيرة على شكل بضائع للجنود الفرنسيين المحاصرين بالمدية في ديسمبر 1830؟
سيكون قطعا أحد الميزابيين كما جاء رسالة 1848. وهو ما أكده بيار بيرتيزان في كتابه 18 شهرا بمدينة الجزائر حين قال: (وحالما وصل خبر ذلك الهجوم، سارعت مدينة الجزائر إلى إرسال الذخيرة لقواتنا. حمل بني ميزاب أربعة عشر ألف طلقة "بني ميزاب طائفة كانت تعمل بالتجارة، لإبعاد الشكوك عنها لدى سكان الجبال" ووصلوا إلى المدية في 4 ديسمبر).

وهو ما يؤكد ما جاء في رسالة الميزابيين للحاكم العام سنة 1848 من خدماتهم للعدو الفرنسي.
فكيف يقوم بعضهم اليوم بادعاء مشاركتهم مع المقاومين ضد العدو الفرنسي بالمتيجة!!!

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال