نظرة الاباضية للمخالفين لهم

سألني الكثير من الاخوة عن سبب مسألة منع اباضية غارداية لأبناء المالكية من الأذان للصلاة سنة 1930م، وهو ما يؤكد عدم إلمام الكثير من الإخوة ببعض المرتكزات الفكرية للفرقة الاباضية وأحكامها.


وقبل أن أوضح السبب من وراء ذلك يجب أن يعلم الجميع ببعض التقسيمات التي يعتمدها الاباضيون للمخالفين لهم:

1. يقسم الاباضية غيرهم من حيث العقيدة إلى قسمين: موحدون ومشركون. فالموحدون هم كل من أقر بجملة التوحيد من المسلمين وذلك بنطقه بالشهادتين. ويدخل في ذلك عموم المسلمين ويطلقون عليهم: أهل التوحيد وأهل القبلة وأهل الجملة.
ومشركون وهم غير المسلمين.
2. بعد ذلك يقسم الاباضية أولئك المسلمين الموحدين من حيث الالتزام العملي إلى قسمين: مؤمنون وكفار.
مؤمنون اذا التزموا بأحكام الشرع. وكفار "كفر نِعم وأحكام" اذا ارتكبوا الكبائر.
فلا وجود عندهم لمنزلة بين منزلتي الكفر والايمان. خلافا لأهل السنة الذين يجعلون منزلة الفسوق ما بين الايمان والكفر، أي مؤمن بتوحيده وفاسق بكبيرته، غير مخلد في النار بفضل ايمانه.
فينتج مما سبق ذكره وجود ثلاث تقاسيم كبرى عند الاباضية:
أولا: موحدون ومؤمنون: أي موحدون غير مشركين من جهة، ومؤمنون بالتزامهم التزاما تاما بأحكام الشرع من جهة ثانية. وهم بالطبع الاباضية من اهل الحق والاستقامة.
ثانيا: مشركون وكفار: ويسمى الكفر الذي يطلقه الاباضية على المشركين هنا "كفر جحود"، وهم لا يعاملون معاملة المسلمين ويحكم عليهم بالخلود في نار جهنم.
ثالثا: موحدون ولكنهم كفار: ويسمى الكفر الذي يطلقه الاباضية على الموحدين هنا "كفر نعمة" وليس "كفر حجود".
فهم من جهة موحدون لأنهم غير مشركين، ولكنهم في نفس الوقت كفار لأنهم لا يلتزمون بأحكام الشرع التزاما تاما، فيعاملهم الاباضية في الدنيا معاملة المسلمين، ولكنهم يعتقدون بخلودهم في النار لمن مات منهم على كبيرته أو مصرا على صغيرته، ولا ينفعه ايمانه بشيء. حيث يطلقون على هذا القسم صفة "النفاق" أو ما يسمونه اصطلاحا "المنزلة بين المنزلتين". فالمنافق ليس مشركا لأنه موحد، ولا هو مؤمن لأنه كافر بمعصيته.

ويصنف الاباضية مخالفيهم عموما ضمن القسم الثالث لأنهم لا يتورعون في نظرهم عن ارتكاب الكبائر والإصرار على الصغائر تساهلا واتكالا منهم على عدم خلودهم في النار بفضل توحيدهم. فهم على الباطل كما يقول الشيخ اطفيش: "...واذا سئلنا عن ديانتنا وديانة المخالفين، وجب أن نقول: الحق ما نحن عليه، والباطل ما عليه مخالفونا، لأن الحق عند الله واحد".
واذا عرفنا من هم المخالفون عند الاباضية، عدنا بعد ذلك الى ما قرره الشيخ الثميني في كتابه "الورد البسام في رياض الاحكام" عندما قال في الباب 77 "في الحجر والأخذ على نزع الضرر": (ويمنع المخالفون من إظهار بدعهم، ولا يتركون أن يؤذنوا، أو يصلوا جماعة، أو يتخذوا محاضر و مجالس ...) .
وهو ما تطبيقه من طرف الاباضية على المخالفين لهم عندما كانت لهم سطوة عليهم زمن الاستعمار الفرنسي، حيث منعوهم من الآذان للصلوات في غارداية سنة 1930 وقبل ذلك في القرارة سنة 1902.


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال