رد الشيخ أبو يعلى الزواوي على اباضية غارداية

من العلماء الربانيين الذين تركوا بصمتهم في العمل الإصلاحي والتنويري بالجزائر، يوجد الشيخ أبو يعلي الزواوي، السعيد بن محمد الشريف بن العربي بن يحي بن الحاج من آيت سيدي محمد الحاج بزواوة ومنها نسبته الزواوي.
ولد بقرية تعاروست ببلدية زكري، ولاية تيزي وزو حوالي سنة 1862 م وقد درس بزواوة على شيوخها وحفظ القرآن وهو ابن 12 سنة، ثم بالزيتونة التونسية. وقضى عمره في تعليم العربية وآدابها ودراسة الفقه.
كان كاتبا صحفيا إسلاميا وخطيبا مفوها، له اشتغال بالفقه والتاريخ، من أبرز أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين منذ تأسيسها سنة 1931 وترأس لجنة الفتوى بها.
تعددت رحلاته العلمية، فبعد تونس كانت فرنسا ومنها إلى بلاد الشام التي تضلع فيها في مختلف العلوم الشرعية، ثم لجأ إلى مصر.
كتب في جريدتي "المقتبس" و"البرهان" بالشام و جريدة «المؤيد» القاهرية، و "ثمرات الفنون" البيروتية، و "المعلومات" الصادرة في الآستانة، و «الحاضرة» التونسية.
ربط علاقات مع شكيب أرسلان ومحب الدين الخطيب ومحمد رشيد رضا، كما كان من المساهمين في الحركة العربية ببلاد الشام.
وعاد إلى الجزائر سنة 1920 - بعد الحرب العالمية الأولى- فاشتغل بالتعليم والوعظ، وولي الإمامة في جامع "سيدي رمضان بحي القصبة العتيق". وهو ممن حارب الخرافات والبدع في كتاباته. وتوفي بالجزائر العاصمة سنة 1952م.
من آثاره المطبوعة "الإسلام الصحيح" و "جماعة المسلمين" و "ديوان خطب" و "الخلافة القرشية" ... وله كذلك "تاريخ زواوة".

لقد كان للشيخ أبو يعلى موقفا حاسما في الرد على الاباضية بمدينة غارداية ممن قاموا بدعم من السلطات الاستعمارية بمنع أبناء المالكية من إقامة الآذان للصلوات بمساجدهم سنة 1930.

حيث وقف نصرة للحق مع أبناء المالكية من خلال دعم وفدهم الذي انتقل الى الجزائر بقيادة الشيخ عبد القادر زغيدي، وكذا من خلال كتاباته في جريدة "البلاغ" لصاحبها الشيخ أحمد بن عليوة التي تصدت للظلم المسلط على أبناء مالكية غارداية من طرف الإباضيين الذين منعوهم من الآذان بحجة أنه لا تعدد للآذان في قصر غارداية.

وفي هذه الرسالة النادرة من الشيخ أبو يعلى الزواوي التي وجهها للشيخ أحمد توفيق المدني الذي قام بمحاولة اصلاح ما بين الشيخ أبو يعلى الزواوي وأبو اليقظان صاحب جريدتي "المغرب" و "وادي ميزاب" والذي انبرى للدفاع عن موقف بني قومه الإباضيين في منع آذان المالكية ووصف الشيخ ابو يعلى وصاحب البلاغ بألفاظ نابية، قلت في هذه الرسالة يوضح موقفه من أبي اليقظان، حيث جاء فيها:

بسم الله

صديقي العزيز السيد احمد توفيق المدني

سيدي ثبت عندي تدخلكم وسعيكم المشكور بالصلح بين أصحاب "البلاغ الجزائري" وأصحاب "المغرب"، ثم إني لما كنت من أصحاب "البلاغ"، وإن شدة حنق صاحب "المغرب" الذي هو صاحب "وادي ميزاب" كان من أجل مقالي على زعمه، وأنا كذلك اشتد غضبي عليه لخروجه الى الوقاحة وسوء الأدب حتى وقع فيما تقفون عليه بهذا المقال الذي هو بطي هذا المكتوب.

ثم هل يعترف صاحب "المغرب" بهذه الخطايا المذكورة في المقال ويعتذر، أو لا يعترف ولا يعتذر؟ أما عدم الاعتراف فلا ينفعه، وأما الاعتذار والتوبة فنحن أهل السنة لا نكفر بالذنب مثل المعتزلة وقد تنفعه التوبة والاعتذار إن كان ما ذكره في المقال صادرا عن جهل وخطأ، وبالأخص بأنه صدر اثناء الاتفاق على التوقف في النشر، والبوسطة طابعها يشهد.

وعليه فالمطلوب أن تطلعوه على خطئه ليختار بين الأمرين المذكورين، أو هما معا وهو الصواب، أي يعتذر ويتوب وينشر اعتذاره في جريدته وكذلك توبته ليتم الصلح فنقبل عذره لأنا من أبناء الحسن بن علي بن أبي طالب القائل لو شتمني أحد في أذني اليمنى واعتذر إليّ حالا في أذني اليسرى لقبلت منه.

وفي الختام إني أشكركم بل يشكركم الله ورسوله بهذا المسعى –سعيكم مشكور- وأبشركم بأن النبي "ص" قال تمنى جبريل أن يكون آدميا ليصلح بين الناس*. ودمتم اخوان الصفاء وخلان الوفاء

صديقكم الزواوي

الجزائر لخمس عشرة ليلة خلون من بادئ الجمادين عام 1349هـ . 7/10/1930

*وهو حديث لا يصح.


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال