1. ما هي أصول طارق بن زياد؟
عاد النقاش من جديد في العديد من الصفحات حول الأصول الحقيقية للقائد المسلم طارق بن زياد بعدما تم إنتاج مسلسل عربي جديد حول شخصيته التاريخية، فاحتج كل طرف وفق قناعاته لتأكيد الأصول العربية أم البربرية لطارق بن زياد، وهو ما جعلني أدلي بدلوي حول هذا الموضوع في نقاط تاريخية وموضوعية محددة:
1. إن طارق بن زياد من مواليد حوالي سنة 57هـ/677م، وتوفي بالشام في سنة 101هـ/720م.
فتح الاندلس في سنة 92هـ/711م بعدما كان حاكما على طنجة تحت قيادة الوالي موسى بن
نصير "640م - 719م".
2. إن أول من
تطرق لأصول القائد طارق بن زياد هو المؤرخ ابن عبد الحكم المصري الذي ولد في سنة
187هـ/803م، في كتابه "فتوح مصر والمغرب" حيث قال بأنه طارق بن زياد بن
عمرو من بني الصائد من قبيلة همذان اليمانية.
3. ثم تلاه
البلاذري الذي توفي بدمشق في سنة 279هـ/892م الذي أكد في كتابه "فتوح
البلدان" الاصول العربية لطارق بن زياد.
4. ثم جاء
الإدريسي الاندلسي بعد قرنين من ذلك، أي في القرن 12م "1100م - 1166م" ليكون أول من يطرح فرضية الأصول البربرية لطارق بن زياد، ويذكر نسبه بأنه طارق بن عبد
الله بن ونامو الزناتي. في كتابه "البيان المغرب في اخبار ملوك الاندلس
والمغرب"
5. ثم تلاه
ابن خلكان الدمشقي في القرن 13م "1211م - 1282م" الذي أعاد تأكيد الاصول
العربية لطارق بن زياد ونسبه الى قبيلة الصدف الحضرمية اليمانية في كتابه
"وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان"
6. ثم جاء
ابن عذاري المراكشي الذي عاش في القرن 14م ليرجح فرضية الاصول البربرية لطارق بن
زياد في كتابه "البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب".
ويقول بأنه طارق بن زياد بن عبد الله، وبأن زياد بربري أسلم أيام عقبة بن نافع وهو
من موالي موسى بن نصير.
7. ثم جاء
بعدهم ابن خلدون الذي عاش في القرن 14م ليعيد في تاريخه تأكيد النسب العربي لطارق
بن زياد وينسبه إلى بني ليث من القبائل العربية الحجازية من كنانة.
8. ثم
يتلوه الحميري الاندلسي المتوفي في 900هـ/1495م ليعيد في كتابه "الروض
المعطار في أخبار الأقطار" إعادة ما قيل في اختلاف نسبه وعدم حسمه في ذلك.
9. ثم جاء
المقري التلمساني الذي عاش ما بين القرنين 16 و 17 م ليؤكد في كتابه "نفح
الطيب من غصن الأندلس الرطيب" الأصول العربية لطارق بن زياد.
2. الفصل في الخلاف حول أصول طارق بن زياد :
من تلك النقاط سالفة الذكر، يتأكد لنا بأن الحديث عن فرضية الأصول البربرية لطارق بن زياد قد تأخر إلى القرن 12م، أي بعد أكثر من 4 قرون من تاريخ وفاته، حيث كان الإدريسي أول من قال بتلك الفرضية. وتابعه بعضهم وخالفهم بعضهم الآخر.
بينما تحدث عن الأصول العربية لطارق بن زياد المتقدمون والمتأخرون، أولهم ابن عبد الحكم المصري الذي ولد بعد حوالي 80 سنة من وفاة طارق بن زياد بالشام. بل قد أجمع مؤرخو الشام على أصوله العربية وهم من عاش طارق بن زياد آخر سنواته بينهم، كالبلاذري ثم ابن خلكان، وهو ما رجحته موسوعة كامبريدج الإسلاميَّة اي القول بأن أصول طارق بن زياد عربية ...
ويكفي للتدليل على عروبة طارق بن زياد ان نذكر:
1. تسميته العربية الثلاثية: طارق بن زياد بن عبد الله والتي أقر بها حتى
من رأوا أصوله البربرية كابن عذاري. أو طارق بن زياد بن عمرو عند ابن عبد الحكم.
وهي تسمية تؤكد أصوله العربية، ويستحيل ان يسمى جد طارق ابن زياد بعبد الله وهو
المولود قبل الهجرة قطعا، إن لم يكن عربيا.
2. تولي طارق بن زياد امارة طنجة قبل فتح الاندلس في زمن الخليفة الوليد بن
عبد الملك. ومعروف ان بني أمية لم يكونوا يولون المناصب الإدارية الرفيعة لغير
العرب.
3. بقاءه في دمشق حتى وفاته رغم ما لاقاه فيها حينها من جفاء الخليفة
سليمان بن عبد الملك وعدم عودته إلى بلاد المغرب ليعيش مع بني قومه ان كان بالفعل
بربريا
ولا عجب من عودة الحديث عن ذلك الادعاء بالأصول البربرية لطارق بن زياد في الوقت حالي، اذا ما علمنا بأن هناك حملة منظمة تحاول نسبة كل قادة الفتح الإسلامي للأندلس الى البربر مع أن هذا الامر بعيد كل البعد عن الحقائق التاريخية.
ومن ذلك قيام بعضهم كذلك بمحاولة الادعاء بأن طريف بن مالك "أبو زرعة" كان بربريا، رغم وضوح تسميته العربية وقد أكد ابن خلدون عروبته.
ويعتبر طريف بن مالك أول قائد مسلم دخل الاندلس في مهمة عسكرية. أرسله موسى بن نصير والي افريقية على رأس أول حملة عسكرية لاستطلاع أراضي الجزيرة الأيبرية في رمضان عام 91 هـ. وتكونت تلك الحملة من 400 مقاتل ومائة فارس حملتهم أربع سفن، ونزلت بهم في الموضع الذي عرف بعد ذلك بجزيرة طريف.