دائما في اطار نشر الأعمال البطولية التي قام بها أبناء الشعانبة في طول الصحراء وعرضها من أجل القضاء على الاستعمار الفرنسي وعملائه، ننشر اليوم موضوعا عن قيام أبناء الشعانبة بعدة هجومات على المراكز الاستعمارية بالجنوب الجزائري:
1. الهجوم الأول:
قام أبناء الشعانبة بالهجوم على المركز الاستعماري بحاسي بلحيران سنة 1893، وهو الهجوم الذي ورد في تقرير من وزير الداخلية الى وزير الحرب الفرنسي بتاريخ 11 أكتوبر 1893 والذي نجد التالي:
السيد الوزير وزميلي العزيز، بموجب تقرير من السيد الحاكم العام للجزائر بتاريخ 4 اكتوبر الجاري اعلمني بأنه قد تم الهجوم على المركز الاهلي بحاسي بلحيران جنوب ورقلة في الليلة ما بين 26 و 27 سبتمبر الماضي وهو الهجوم الذي قاده المدعو عمر بوخشبة [وهو من قادة ابناء الشعانبة]
يشرفني ان ارفق لكم نسخة من هذا التقرير الذي ارتأيت اطلاعكم عليه
وتقبلوا مني فائق التقدير والاحترام
رئيس
المجلس . وزير الداخلية
2. الهجوم الثاني:
كما قام بعد ذلك أبناء الشعانبة بغزوتين متتاليتين على قوافل للعدو
الفرنسي والقبائل التابعة له في سنة 1895م بأقصى الجنوب الجزائري.
ففي تقرير من الحاكم العام للجزائر الى وزير الحرب
الفرنسي بتاريخ 14 جوان 1895م نجد التالي:
لقد وصلتنا معلومات من الأهالي، فإن مراكزنا وقبائلنا بأقصى
الجنوب تتعرض حاليا لعدة غزوات معلن عنها في المنطقة المجاورة لجنوبنا الكبير:
- الغزوة الأولى قام بها 50 من مهارى شعانبة بوعمامة والذين يكونون قد انتقلوا نحو الشرق في منتصف شهر ماي 1895م.
- الغزوة الثانية والتي يكون قد قام بها 60 من المهارى تنفيذا لأوامر بوخشبة [يقصد به عمر بوخشبة أحد قادة شعانبة المواضي] والتي أعلن عن وقوعها شمال تابلقوزة اثناء انتقالهم نحو العرق الكبير باتجاه زرارة غربا.
وليس من المستبعد ان يعيد هؤلاء المتمردون 60 الذين
التحقوا بقورارة الكرة بعدما اغتروا بالنجاح الذي حققوه بإغارتهم على الطوارق دون أن يتعرض لهم أحد، وقد يعيدوا الكرة على المستخلف على برج ماك ماهون كما فعلوا
ببوخنفوس.
وفي خضم هذه الاحتمالات، وبعد تدعيم مجموعة الفرسان
والقومية المرافقين لمستخلف برج ماك ماهون، أمر قائد غارداية -وذلك قبل 24 ساعة من
الاستخلاف- بإرسال 30 قوميا من اجل كشف الطريق على مسيرة يوم قبل انطلاق الرتل
العسكري المكون من 100 قناص و 20 فارسا و 50 قوميا. في حين امر العقيد ديديي
القوات الاضافية لبرج ماك ماهون بالقيام بعملية استطلاع قبل الانضمام للمستخلف.
ان مثل هذه الإجراءات من شأنها ان تستبعد أي نوع من
المفاجآت وتسمح للرتل باتخاذ الاحتياطات اللازمة في حالة الهجوم عليه.
لقد كانت هذه الهجمات التي قام بها أبناء الشعانبة ضد المستعمر الفرنسي ومصالحه بالجنوب الجزائري، استكمالا لحلقات متتالية من المواقف الوطنية التي ابتدؤوها بدعمهم لكل حركة مقاومة للوجود الاستعماري بالشمال الجزائري، بل وحتى خارج الحدود الجزائرية كما هو الحال بليبيا وتونس. وهو ما رأيناه من خلال الحلقات السابقة.