لقد عاني أبناء المالكية بولاية غارداية من تواطئ الإدارة الاستعمارية ضدهم، بسبب العلاقات الوطيدة التي ربطها رؤوس الجماعة الاباضية مع قادة المستعمر الفرنسي، خاصة بعد توقيعهم لاتفاقية الاستسلام يوم 29 أفريل 1853.
ومن بين مظاهر تلك العلاقة الوطيدة بينهما، نجد عمليات نهب عقارات واملاك أبناء المالكية والاستحواذ عليها من طرف الإباضيين بقرارات وضغوطات استعمارية.
وفي هذه
الوثيقة التاريخية التي بيننا، والتي تعود لسنة 1935م نجد مظهرا من مظاهر ذلك
التواطئ الفاضح للمستعمر الفرنسي مع الاباضيين، ممثلين في قائد بريان وقادة
العشائر الاباضية بها، من أجل الاستيلاء على أراضي أبناء المالكية التي تقع خارج
اسوار قصر بريان، والتي يملكونها أبا عن جد.
نص الوثيقة:
الموقعون أدناه
مالكية مدينة بريان، إلى النقيب بملحقة غارداية
السيد: النقيب
يشرفنا أن نذكركم
بشكوانا المؤرخة في 1 يناير 1934 والموجهة أولا: إلى السيد الحاكم العام، وثانيا: إلى
السيد العقيد حاكم الأقاليم الجنوبية بالأغواط، وثالثا: إلى السيد رئيس ملحقة غارداية.
حيث كانت شكاوينا كما يلي:
ان قائد بريان
ورؤساء العشائر الاباضية قد أجبرونا على تقاسم أرضنا في الصحراء التي تخصنا منذ تعمير
أراضينا من قبل أجدادنا. وحتى يومنا هذا ونحن نزرعها.
وبعد إجراء
التحقيق، جاء السيد الملازم كومبس إلى هنا في 29 مارس 1934، وأبلغ قادة عشائرنا [المالكية]
بأن الأرض المذكورة لن يتم تقاسمها، وبأنه بقرار من الحاكم العام لن يتم ذلك
مطلقا.
وفي 12 يناير
1935، قام الملازم كومبس بعد لقائه القائد وقادة العشائر الاباضية الذين توسلوا إليه
من أجل تقسيم تلك الأراضي، طلب من قادة عشائرنا [المالكية] بضرورة الاتفاق معهم على تقاسم
الأرض المعنية، وذلك عبر توقيع اتفاق معهم. وهو ما رفضه قادة عشائرنا مذكّرين إياه
بقرار الحاكم العام الذي نقله لهم هو شخصيا.
في 13 يناير 1935 قمنا بتقديم شكوى حول هذا
الموضوع.
نخبرك
سيادة النقيب، بأنه في الثاني عشر من هذا الشهر [أي سبتمبر 1935]، غمرت الفيضانات جزءا
من الصحراء، فقام بعض فلاحو القرية بالذهاب لزراعة أراضيهم مستغلين رطوبة المناخ.
وفي مساء اليوم
الرابع عشر منه، جمع القائد جميع قادة عشائر بريان، وأخبرهم بأنه تلقى أمرًا من السيد
رئيس الملحقة بأنه لا ينبغي لأحد أن يحرث قطعة أرضه كما حصل من أجل تجنب أي خلافات.
نخبرك أنه بيننا
(نحن مالكية بريان) لم يكن هناك ولن يكون هناك خلافات، وأن جميع الخلافات لن تأت
عموما إلا من الاباضيين. وشكاوينا وما حدث في الماضي يؤكد ذلك.
من ناحية أخرى،
لم يمتلك الاباضيون أرضًا في الصحراء أبدًا، لأنهم من المستقرين [بالقصور]، ومهنتهم الرئيسية
هي التجارة وزراعة النخيل. ولم نر أبدًا ميزابيًا يعبر الصحراء، أو يذهب إلى بعثات
الجنوب، ولا متطوعًا، فنحن أصحاب ذلك.
ليس لدينا أي
موارد أخرى غير هذه الأراضي. وسحبها منا معناه تركنا للجوع.
تفضلوا بقبول
السيد النقيب رئيس الملحقة تحياتنا.
أحمد بن
الحاج سماحي وكيل
عبد الغني
وكيل
الحاج احمد
بن امحمد وكيل
خالد بن
سليمان وكيل.
قراءة في ما جاء في الوثيقة:
- ان الأراضي خارج قصر بريان هي ملك لأبناء مالكية بريان منذ القدم، توارثوها أبا عن جد.
- لم يكن لأبناء الاباضية أي ملكية خارج أسوار القصر وأجنته.
- قيام اباضية بريان وعلى رأسهم القائد –آنذاك- إبراهيم بن سليمان قلو، ورؤساء عشائرهم، بالتحايل على القادة الاستعماريين من أجل الانحياز لهم، بل ودفعهم بطرق ملتوية من أجل تغيير قراراتهم لنهب أملاك المالكية.
- عدم تملك الإباضيين للأراضي في الصحراء المحيطة بقصورهم مطلقا، لكونهم من المستقرين بالقصور.
- انحصار النشاط الاقتصادي للإباضيين في التجارة أو زراعة الاجنة بقصورهم. ولا علاقة لهم بالزراعة في الأراضي الصحراوية خارج قصورهم. او تربية الحيوانات والرعي.
- عدم اختلاط الإباضيين بسكان الصحراء او التنقل بين أرجائها.
- وجود أربعة ممثلين للعشائر المالكية بقصر بريان، وهي فرقة أولاد بن خاوة و فرقة الرقاب وفرقة المهادة وفرقة الدبادبة.