كلما حلت علينا ذكرى "يوم المجاهد 20 أوت" من كل سنة، الا وطفى على الساحة الحديث على بيان مؤتمر الصومام ما بين مؤيد له ومنتقد، وهو خلاف تعود جذوره الى السنوات لانعقاد المؤتمر عندما وجد معارضة له من الوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطني بقيادة أحمد بن بلة وأحمد مهساس ... وبعض قادة الولايات التي لم تحضر له كالولاية الأولى، وقادة الميدان بالصحراء أمثال زيان عاشور و سي الحواس.
وتتركز تلك الانتقادات على تفرد تيار معين بالتحضير لذلك المؤتمر والهيمنة على اشغاله، وتجسيد أيديولوجيته "العلمانية" به.
ولئن كان الجانب الإيجابي في مخرجات مؤتمر الصومام يتمثل في شقه التنظيمي، من خلال ضبط التنظيمات الإدارية والتقسيمات المناطقية، مع توزيع واضح ودقيق للمهام السياسية والعسكرية على كل مستويات القيادة الثورية.
فان الجانب السلبي يتمثل كما أسلفنا في فرض ذلك التوجه العلماني ذو الخلفيات اليسارية على بيان مؤتمر الصومام، واغفاله التنويه بالبعد العربي الإسلامي للامة الجزائرية كما جاء في بيان اول نوفمبر، بل بتكريس العلمانية بكل وضوح. وهو ما نجد امثله عنه في النقاط التالية:
- نفي أي علاقة للثورة التحريرية بالخلفيات العقائدية الإسلامية:
C’est une lutte nationale pour détruire le régime anarchique de la colonisation et non une guerre religieuse.
إنه نضال وطني لتدمير نظام الاستعمار الفوضوي، وليس حربا دينية.
La Révolution Algérienne n’est pas une guerre civile, ni une guerre de religion.
إن الثورة الجزائرية ليست حربا أهلية ولا حربا دينية.
- مخالفة بيان نوفمبر الذي يؤكد قيام دولة جزائرية في اطار المبادئ الإسلامية:
C’est en fin la lutte pour la renaissance d’un Etat Algérien sous la forme d’une république démocratique et sociale et non la restauration d’une monarchie ou d’une théocratie révolues.
إنه في نهاية المطاف النضال من أجل إعادة إحياء دولة جزائرية في شكل جمهورية ديمقراطية واجتماعية وليس استعادة ملكية قديمة أو "دينية".
La Révolution Algérienne veut conquérir l’indépendance nationale pour installer une république démocratique et sociale garantissant une véritable égalité entre tous les citoyens d’une même patrie, sans discrimination.
تريد الثورة الجزائرية انتزاع الاستقلال الوطني لإقامة جمهورية ديمقراطية واجتماعية تضمن المساواة الحقيقية بين جميع مواطني نفس البلد دون تمييز.
- لا ذكر للانتماء العربي الإسلامي في بيان مؤتمر الصومام:
C’est pourquoi ils sont en même temps des Nord-Africains sincères attachés, avec passion et clairvoyance, à la solidarité naturelle et nécessaire des trois pays du Maghreb.
L’Afrique du Nord est un TOUT par : La géographie, l’histoire, la langue, la civilisation, le devenir.
Cette solidarité doit donc se traduire naturellement dans la création d’une Fédération des trois Etats nord-africains.
وهذا هو سبب كونهم في نفس الوقت مواطنين مخلصين من شمال إفريقيا مرتبطين بشغف وبصيرة بالتضامن الطبيعي والضروري لبلدان المغرب الثلاثة.
شمال إفريقيا موحد كلية بـ: الجغرافيا والتاريخ واللغة والحضارة والمستقبل.
لذلك يجب أن يترجم هذا التضامن بطبيعة الحال إلى إنشاء اتحاد دول شمال إفريقيا الثلاث.
- استخدام مصطلحات تربط الهمجية بالعروبة والجها.د، وتصف دعاة العروبة بالإمبريالية الرجعية:
Pour atteindre son but, le colonialisme organisa la panique. Il accusa le gouvernement d’abandonner la minorité ethnique non-musulman à la « barbarie arabe », à la « guerre sainte »,
لتحقيق هدفه، نظم الاستعمار حالة من الذعر. واتهم الحكومة بالتخلي عن الأقلية العرقية غير المسلمة أمام "البربرية العربية" و "الجهاد المقدس".
Les partisans d’une solution « intermédiaire » : la négociation pour « une communauté algérienne à égale distance entre le colonialisme français et le rétrograde impérialiste arabe » par la création d’une double nationalité ;
أنصار الحل "المتوسط": التفاوض من أجل "مجتمع جزائري على مسافة متساوية بين الاستعمار الفرنسي والإمبريالية العربية الرجعية" من خلال خلق جنسية مزدوجة.
- الانتقاص من دعم الدول العربية للثورة التحريرية:
Ce manque de hardiesse était déterminé par l’attitude des pays arabes en général et de l’Egypte en particulier. Leur soutien à la lutte du peuple algérien demeurait limité
هذا النقص في الجرأة حدده موقف الدول العربية عامة ومصر خاصة. ظل دعمهم لنضال الشعب الجزائري محدودًا
الخلاصة:
ان هذه المقتطفات الواردة في بيان مؤتمر الصومام 20 اوت 1956 تؤكد التوجه الأيديولوجي لكاتبيه في سحب كل ما له علاقة بالانتماء العربي الإسلامي الذي كرسه بيان اول نوفمبر 1954، وتعويضه بانتماء شمال افريقي في اطار دولة علمانية. وهو ما عده الكثيرون بمثابة ردة على التوجه الأول لمفجري الثورة التحريرية المباركة.